Posts Tagged ‘رضوى عاشور’

الطنطوريَّة : رضوى عاشور, يسعد البز الي رضّعك!

نوفمبر 16, 2010

إنّ ردة فعلي الأولى، فلسطينيًا، على رواية “الطنطوريّة” للعبقرية الدافئة رضوى عاشور، هي استحضار مثل جدّي المأثور، الذي كان ليصدح به قائلاً لها، يا رضوى ” يسعد البز الي رضّعك “، ولك قارئي العزيز ان تستحضر جدّك أنت، وتقول في سرّك وفي العلن لرضوى : أنتِ يا سيدتي أخت رجال، من ظهر راجل، إمرأة بسبعين ألف مليون راجل، أنتِ الرسالة العشقيّة في جيب الفدائي الذي سبح عائدًا إلى بيروت، أنت جدعة، ومن جبينك بيطل الصبح. كم وددت ولا زلت يا رضوى، يا أمّ تميم، أن أهديكِ ثوبًا فلسطينيًا طرّزته أياد فلسطينيات من بلاد الطوق، ومن المنفى، ومن الداخل، ومن داخل الدّاخل في هذا العيد، بعد أن أهديتني الطنطورية، وصيدا، وعين الحلوة، ويبروت، والاسكندريّة، بعد أن أهديتني فيضًا من الدمع المسوّر بالفرح. ثمّة حالة تشبه تمامًا مشهدَ الرواية الأخير، حالة تبكي فيها وأنت تضحك، كأنّك تمامًا تقف – كرقيّة بطلة الرواية – على جانبي سلك شائك، بين الفرح، والحزن، بين الانتصار، والهزيمة.

(more…)

فرج – رضوى عاشور

أوت 1, 2010

وأمي حافظة شوارع مصر بالسنتي
تقول لمصر يا حاجّة ترّد يا بنتي
تقولها احكي لي فتقول ابدأي إنتي

وأمي حافظة السِيَر أصل السِيَر كارها
تكتب بحبر الليالي تقوم تنوَّرْها
وتقول يا حاجة إذا ما فرحتي وحزنتي
وفين ما كنتي أسجل ما أرى للناس
تفضل رسايل غرام للي يقدّرها*


“فرج” هو عنوان الرواية التي قرأتها لرضوى على جرعتين، الأولى في الميكروباص، والثانية في البيت، رواية تمزج في قطعها المتوسّط بين الخيال والواقع، السيرة الذاتية والتأليف، “البانوبتيكون**” والخصوصية الحميمة لشخصية الروائية الرئيسة “ندى عبد القادر”، وهي الشخصية التي “تختلف ظروفها مع رضوى عاشور، لكنها تشبهها شبهًا مؤجلاً، الفتاة التي بدأت دراسة الهندسة، وانتهى بها المطاف لتتخرج من جامعة القاهرة – كلية آداب، شكّلت نقطة الارتكاز في السرد الزمني المتصاعد، عبر العقود الخمسة الأخيرة في القرن العشرين، والتي تشكل زمن الرواية.

ندى عبد القادر، وهي ابنة لدكتور مصري متخرج من السوربورن، ومتزوج من فرنسيّة، تخوض تجربة الاعتقال السياسي عبر مراحل ثلاثة، بدءً بوالدها الذي يعتقله نظام جمال عبد الناصر، مرورًا باعتقالها هي، وانتهاءً باعتقال اخيها غير الشقيق الذي يمثّل في ذهنها ابنها الذي لم يأتِ أبدًا؛ ذلك أنها كما يظهر في ثنايا الرواية، لم تجد وقتًا لتتزوج، أو لتحوِّر تجاربها المعقدة مع الآخر المذكر إلى كلاسيكية وثوب زفاف.

الجغرافيا في الرواية مقسمة ما بين القاهرة، الصعيد المصري، وباريس التي تعود إليها أم ندى مطلقةً بعد أن “اعماها” الفهم السياسي لبكاء أبو ندى على سجّانه وهو يقرأ خطاب اعتزاله بعد هزيمة 67، باريس التي تفهم ندى متأخرةً أنها ذهبت إليها سائحةً، لا شابة تزور بمنطقيّة أمَّها كل ما سمحت لها الظروف. لن يصبح غلاف الرواية ولا اسمها مقبولاً، إلا بعد أن تنتهي من زيارة لبنان التي تشكّل نقطة مهمة في رغبة ندى في دراسة أدب السجون، وتحديدًا معتقل الخيام في الجنوب اللبناني، وتبدأ بالفصل الأخير الذي يحكي قصة فرج. من هو فرج ؟، قراءة الرواية هي الوسيلة الوحيدة لمعرفة ذلك.

* قالولي بتحب مصر – تميم البرغوثي.

** كلمة يونانية مركبة تعني “مراقبة” و “الكل”، ويتجاوز مفهومها الفلسفي ذلك ليتطرق إلى واقع السجن الذي لا قضبان له، والذي نعيش فيه جميعًا.