مذكرات طالب ثانويّة عامّة
كلُّ الأشياء من حولي تشاطرني مشاعري، الدفاتر والأقلام وحتّى الآلة الحاسبة، كلُّها تبحث عن يديكِ كي ترتب ما أفسدته الرجولة والضجر، أسمعها أنا من فرط الصمت المحيط بي، تئنُّ من الوحدة والشوق، ترقبني بعين الباحث عن بعض الحنان، ولكن ليس أن أغيّر من حالها شيئاً، ليس لي أن ألوّن الألوان، ولا أن أعكس الضوء في المرآة، ليس لي أن أهدئ من روعها، حبيبتي .. فاقد الشيء لا يعطيه .
27/5/09
التفاعلُ مع الآخرين، يبعدنا عن أنفسنا، فقط .. هي الجدران الأربعة بصمتها الأزلي من يمنحنا دربًا حقيقيّاً لدواخلنا المخبأة .
14/6/09
قد نتمنّى أحيانًا أغربَ الأشياء، فأنا الآن مثلاً، أتمنّى لو أصاب بداءٍ في أذنيّ يفقدني القدرة على السمع، لأجنّب نفسي أطنان التفاهات التي تقال في بيتي وفي العالم، وأسير متلذذاً بطرشي المصطنع .
13/6/09
كانت جميلةً جدّا، بطريقتها الملائكيّة في النوم، حتّى أنّ ملامحها أصبحت أكثر دقةً، وكأنّ وجهها يعاد رسمه مرةً أخرى، استلقت بهدوء خريفيٍّ، وكعادتها، تركت التلفاز يصدح بصوته، واستسلمت للنعاس وكتابٌ سمينٌ نال شرف النسيان في حضنها . صمتها كان أجمل ما قالت لي منذ فترةٍ بعيدة، وجهلها بوجودي أكسبني بعدًا ثالثاً، وأغراني لسرقة ترتيلةٍ أخفيها في جيبي، وألقي على جبينها قبلة ثم أنسل .
تلك الجميلة النائمة، يشرّفني أن أناديها .. أمّي .
16/6/09
لم أعد أؤمن بوجود مشاعر صادقة، تتكفّل ببذر السعادة في حياتي، ولذا تعودت أن أستكفي بالمشاعر الكاذبة والتي لا يولُّدها سوى النفاق المخملي في فترات الأعياد والأزمات . هذه المشاعر، ومنذ فترةٍ مضت، أخذت تزدادُ ويكبر تأثيرها، ليس عليّ وحدي بل على كلّ طلاب الثانوية العامّة، فترى كلّاً منّا مدللاً، باسطًا يديه في أواني الطعام التي تتقاطر على طاولته، رافعًا قدميه تأكيدًا لتمتعه بهذا الاندماج الكاذب مع المصطلحات الورديّة التي لا وجود لها إلا في أفلام زمان .
12/6/09
لا يزيدني النوم إلّا تعبًا وخمولًا، ولا يُشعرني إمعاني بالدراسة إلّا بمزيدٍ من الفشل، بتُّ أشكُّ فعليّاً، بأنني أعطي نفسي قيمةً أكبر من اللازم، وأنني – ربما – لن أستطيع كما كنت أعتقد،لن أستطيع تغيير العالم .
15/6/09
عندما تلمس انكسارًا حقيقيّا في ضوء ذاتك الداخلي، و حيودًا وتشتتاً في شظايا أفكارك المتناثرة، لن تستطيع كلّ النماذج عندئذٍ إعطاءك أيّ تفسيرٍ مقنعٍ لاستمرار عحلة العالم بالدوران والتسارع، بينما أنت تعكف في نظامك المغلق على تجميل وجه واقعك المرير الذي شوّهته آلاف التصادمات . ستعبثُ بك العزلة فسادًا، وتجرّم كل الوسائل المتاحة أمامك للمقاومة، وتكسبُ قهرك سرعةً إندفاعيّة تقذفك بها إلى أعلى سقوف الخيبة، فتسقط سقوطاً حراً بزمن تحليق تشعر أنه مقتبسٌ من حسابات الأزمنة في حياة ما بعد الموت، إيّاك حينها أن تعوّل على أيّ قوة دافعة خارجيّة، لأن الممر الوحيد لخلاصك هو أبسط قوانين الفيزياء، أن تعي أن الدنيا مهما حاولت اختزالك، ومهما سخرت كل القوى والأفعال لتمريغ أنفك في التراب، فحتماً لابدّ لكل أفعالها تلك من ردّة فعل .
17/6/09
July 9, 2009 at 2:12 pm |
جميل أن تعي وجعا يسمى “زيف المشاعر” و الأجمل أن يكون لكَ شرف نداء ” الأم” تلك المرأة التي لن تجد بمثلها طهرا و حنانا 🙂
أما بالنسبة للتفاعل مع الاخرين فأعتقد أنه يبعدنا عن أنفسنا للحظة فقط, أي ليس كليا نبتعد عن أنفسنا, إلا إذا كان ” الآخرين” لديهم فكرا ما قد جذبنا و يستحق الوقت لنعطيه من أنفسنا,,,,
مذكراتكَ عميقة
و أتمنى لكَ النجاح في الثانوية العامة ^^
كوثر..
July 9, 2009 at 4:44 pm |
عجيب التآمك مع قوانين الفيزياء
أسعدتني الومضة الأخيرة ..
طالب الثانوية العامة هو أكثر المضطهدين الآن ..
🙂
خالص أمنياتي لنا جميعا ربما بحدوث معجزة ما تنتشلنا من وحل ما قدمناه في الامتحانات
تحياتي
July 10, 2009 at 12:07 am |
وكذا مرورك عزيزتي كوثر، عميق .. : )
أتمنّى لكِ النجاح في كل تفاصيل حياتك، حتى في تلك اللحظات التي قد نبتعد فيها عن أنفسها ..
(F)
July 10, 2009 at 12:09 am |
صديقتي حياة ..
أنا عن نفسي لا أقيم ولا أقعد الثانوية العامة من محلها، هي كانت تجربة وقدمت كل ما استطيع فيها، وغير توفيق الله لا يلزمني ..
فيما يتعلق بالفيزياء فلولاها لكانت توجيهي صحراء جافة بالنسبة لي، اعتبُرها سحابة صيف مثلك مثابرة، تمطر في تموز .
لكِ كل العبق .