لقد شعرت بغضب حقيقيٍّ عندما قلبت الورقة فوجدت صفحةً خالية من نسق الكتابة الذي تعوّدت عليه، صفحة تكاد تكون نقيَّةً لولا وجود عنوان بريد إلكترونيٍّ كتبه على ما يبدو شخص ما وقعت الرواية بين يديه قبل أن تصل إلي. لم أغضب لأنّ خطّه البشع قد لوّث ظهر الصفحة الأخيرة، غضبت لأنها كانت الصفحة الأخيرة، أحسست بالمرارة، وكرهت شركة مايكروسوفت، وأقلام الحبر الزرقاء، حرّكت المنظار محاولاً الرؤية عن قرب، بحثت عن تتمة على الغلاف، أيعقل أن صفحةً سقطت سهوًا ؟ وتساءلت وان بصوت منخفض، أيكون من ناقض نفسه، وتوغّل بين السطور، ورسم صورًا، مجرّد عابر متطفّل ؟
رأيت اسمه أسودًا وقد كتب ليبدو أن خطّاطًا قد رسمه بريشة من قصب، تأملته، واستوعبت أنّ سلالم الشرق هي قبل كلّ شيء، كتابة أمين معلوف، ولكنني، وفي محاولة بائسة ربما لتمرير حالتي النفسية، قررت أن “سلالم الشرق” لن تكون أكثر من جرعة معرفيَّة تؤخذ مرَّةً واحدة، وعلى عجل، كتابًا يُقرأ على كرسيٍّ هزاز في شرفة، لا يكون محطّ حديث الكاميرا، اللهمّ أنّ الجلوس على الشرفات، واحتساء القهوة، يستدعي كتابًا وهذا كلّ ما في الأمر، لكنّ العدسة تناست الاطلالة الجميلة، وفنجان القهوة الآتِ من أضنة، وركّزت تمام التركيز على السطر الظاهر من الكتاب. لماذا يكون أمين معلوف، كاتبًا فذّا، ان لم تستطع كتاباته درء القرارات المسبقة لقارئ مثلي، بل ودرء الشعور بالكآبة أيضًا ؟
ربما لا تكون الحياة طويلة كفايةً حتى نضجر منها، كما تذكر الرواية، لكنّ المؤكّد أن سلالم الشرق مهما طالت، فلن أتعب من تسلّقها. تُنتج الأحلام في قلبي، أمّا التوزيع فمهمّة الأرجل. هاتان اللتان لم تمارسا رياضةً منذ عامين، مارستا في الأيام القليلة الماضية، تمرينًا على حلم باريس، حيفا، وبيروت، أتكون صدفةً أن باكو يصلّح الأجهزة الطبية، كما يفترض بي أن أفعل بعد عدة أعوام ؟ ربما تكون صدفةً، وربما هو حذاء جديد على مقاسي، حلم جديد على مقاسي. هل تصوير النزاع العربي الاسرائيلي بهذه الشاعريّة أمر منطقي ؟ ربما، في أصلها، كلّ النزاعات الدمويّة مجرّد اختلاف بسيط في وجهات النظر، في كمّ الشاعريّة المطلوب، ونقطة البداية في سباق الوصول إلى موقف.
هذه الفقرة الرابعة، مما يعني أنّ هذه “القراءة” حول رواية سلالم الشرق على وشك أن تنتهي. قراءة فاشلة بامتياز، لم اذكر من الرواية الا اسمها واسم مؤلفها الجميل، لم أقل من هو باكو، ومن هي كلارا، وما دخل العثمانيين، وما دور سفارة فرنسا، أعلم ذلك كله لأنني أصلاً لم أرغب في كتابة قراءة كما أفعل عادةً، أنا رغبت في الكتابة عنّي، على ضوء الرواية، رغبت في أن أقول بأنني ملت برأسي فعلاً إلى الوراء عندما قبّلت كلارا باكو، ورأيت من شباك الباص الذي كان يعيدني، أن السماء أيضًا يومها كانت زرقاء جدًا، رغبت في الإشارة إلى أن شفاءً ما، حتى ولو مؤقتًا، قد أنعم الله به عليّ عندما قرأت رسالة ناديا يتيمة الأب، إلى أبيها، رغبت في التحدث؛ لأنني غضبت، والكتابة أقلّ ضررًا من التدخين.
الأوسمة: Rêveur, لقد تجهم العالم, مونبلييه, أمين معلوف, أضنة, المقاومة الفرنسية, حيفا, سلالم الشرق
جانفي 21, 2011 عند 6:15 م |
زي ما بقلك، ملكاش الا ليون الافريقي
جانفي 21, 2011 عند 6:16 م |
ليون الافريقي قريتها يا زلمة، زي ما بقلك، قريتها، زي ما بقلك
جانفي 21, 2011 عند 6:50 م |
معناتو ملكاش الا ليون الافريقي، زي ما قلتلك
جانفي 22, 2011 عند 12:29 ص |
اسمع مني
زي سلالم الشرق عمرك ما تتخيل تلاقي
جانفي 24, 2011 عند 11:40 ص |
ميتى اشوفك اشوفك يا غايب عن عيني
جانفي 22, 2011 عند 12:39 م |
في نهاية الكتاب الخامس لأمين معلوف, لعنته ولعنت نفسي والصفحة الخالية .
جانفي 24, 2011 عند 11:40 ص |
حسبنا انه لا زال يكتب، او ان امثاله، تورطوا الى الابد بالكتابة.
اهلين مهند
جانفي 22, 2011 عند 10:07 م |
تحية
لقد تم نشر التدوينه في تجمعنا مدونات من أجل التغير
ديسمبر 7, 2012 عند 2:27 ص |
[…] لقد شعرت بغضب حقيقيّ عندما قلبت الورقة فوجدت صفحةً خالية من نسق الكتابة الذي تعوّدت عليه، صفحة تكاد تكون نقيّةً لولا وجود عنوان بريد إلكترونيّ كتبه على ما يبدو شخص ما وقعت الرواية بين يديه قبل أن تصل إلي. لم أغضب لأنّ خطّه البشع قد لوّث ظهر الصفحة الأخيرة، غضبت لأنها كانت الصفحة الأخيرة، أحسست […] المصدر […]